المحامي عارف الشعال
من المسلم به أن أحد أهم وسائل جباية الضرائب غير المباشرة، هو استفاؤها عن طريق فرض إلصاق طابع على ورقة ما.
ومن المعلوم أنه لا تكاد تخلو وثيقة أو مستند أو ورقة يحتاجها أو يقدمها مواطن لأي مرافق من مرافق الدولة من إلصاق طابع ما عليها.
تكاد تكون الوثيقة الوحيدة التي استثناها المشرع من استيفاء أي طابع هي المستندات التي يبرزها الخصوم في الدعوى أمام القضاء، حيث أعفاها من استيفاء أي طابع أو رسم أو ضريبة حتى لا يمسّ "مبدأ مجانية التقاضي"، إذ أن أطراف الدعوى يقدمون هذه المستندات للذود عن حقوقهم التي تكفلت الدولة بتحصيلها لهم بالمجان، ومن المعلوم أن العدل تبذله الدولة مجاناً بدون مقابل، وهو من أولى واجباتها.
وهكذا نرى أن المشرع تجنب استيفاء رسوم هامة جداً للدولة كالطابع المالي، والمجهود الحربي، وإعادة الإعمار، والشهيد، ودور المحاكم، وغيرها الكثير من الرسوم التي نعلمها جميعاً.
الاستثناء الوحيد الذي قرره المشرع بهذا الخصوص هو ضريبة الرسوم القضائية (القيدية) وقيمته 50 ليرة سورية، لحكمة ارتآها المشرع بأنه لا يثلم هذا المبدأ المقدس، باستيفاء رسم بسيط يساعد الدولة ببعض مصاريف توفير العدل المكلفة.
السيد وزير العدل تجاهل هذه المسلمات والمعطيات في موضوع "اللصيقة القضائية"، واستغل تفويض المشرع "غير الدستوري" له بانتقاء مطارح فرض هذا الرسم، وتجاهل أن المشرع قام بزيادة هذا الرسم بنسبة 100%، مما يضاعف موارد الصندوق الذي تذهب إليه أموال هذا الرسم، وتجاهل أن هذا الرسم أصبح يشكل أربع أضعاف رسم طابع الرسوم القضائية (القيدية)، فقام بتوسيع المطارح القديمة التي كان يستوفى منها هذا الرسم، وأمر باستيفائه أيضاً على أي وثيقة أو مستند يبرز بأي دعوى!!
وما أكثر المستندات التي يبرزها المتقاضون بالدعوى، مما يعتبر معه أن مبدأ مجانية التقاضي أصبح بخبر كان بفضل السيد وزير العدل بقراره المذكور.
أنا شخصياً أرى أن تصرف وزير العدل هذا يعتبر تهوراً غير مدروس، ولا ينم عن وعي إداري، أو مسؤولية سياسية، غايته إرضاء السادة القضاة من جيوب المتقاضين، وهذا ما سيتسبب بإرهاق المتقاضين الذين يئنون من وطأة مصاريف التقاضي لأن هذا القرار سيضاعف هذه المصاريف بكل تأكيد، وخاصة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به بلادنا الغالية.
لذلك:
وحيث أن المادة 42 من الدستور كفلت لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة.
فإنني أجهر برأيي عالياً، وأدعو للخلاص من السيد وزير العدل، وإقالته من منصبه بأسرع وقت ممكن، واستبداله بوزير آخر يكون أكثر رحمة ورأفة بالناس، ويعيد الأمور إلى نصابها.
ملاحظة:
نعيد التذكير بأن تفويض المشرع لأحد أعضاء السلطة التنفيذية بتحديد مطارح استيفاء ضريبة قررها غير دستوري لأنه يتنافى مع المادة 18 من الدستور التي تنص:
((لا تفرض الضرائب والرسوم والتكاليف العامة إلا بقانون))
ومن البديهي أن فرض الضرائب والرسوم يعني تحديد مقدارها ومطرح استيفائها بدقة، وهذا يقع على عاتق المشرع الذي لا يملك تفويض سلطته هذه‘ وإعطاء شيكاً على بياض لموظف كبير بالسلطة التنفيذية كما فعل بالقانون المذكور!!!.