بحث ودراسة دعوى تقرير زوال أثر الحجز |
القاضي حسين احمد
ذكرنا فيما سبق أن المشرع ميّز في بدء سريان مدة الأيام الثمانية , لرفع دعوى تقرير زوال أثر الحجز , فقال بأن هذه المدة تبدأ السريان بانتهاء التحقيق أو إحالة الموظف إلى القضاء أو إلى مجلس التأديب أو إلى المحكمة المسلكية ، وذلك في الحالات التي يتولى فيها الحجز وزير المالية , على أموال الموظفين أو الأشخاص العاديين ممن يتسبب بالضرر بالأموال العامة وزوجاتهم , في حين هذه المدة تبدأ بالسريان من تاريخ تنفيذ الحكم بالحجز في حالات الحجز العادية , وفق ما نصت عليه الفقرة ( ب ) من المادة ( 317 ) أصول محاكمات مدنية.
وفي هذا الخصوص وعلى صعيد التطبيق العملي , يخلط البعض من المشتغلين في الشأن القانوني , وبالتالي يميّز بين الحجز الذي يقرره وزير المالية , أثناء وقبل انتهاء التحقيقات الإدارية , والحجز الذي يقرره هذا الوزير بعد انتهاء التحقيقات ، كإحدى توصيات البعثات التفتيشية الإدارية , وهم في ذلك يقولون وفق التالي :
- بأن المدة في الحالة التي يقرر الوزير الحجز
أثناء وقبل انتهاء التحقيقات , تسري منذ انتهاء
هذه التحقيقات ولمدة ثمانية أيام تالية لذلك.
- بأن المدة في الحالة التي يقرر فيها الوزير
الحجز , كإحدى التوصيات النهائية التي ترد في
توصيات البعثات التفتيشية الإدارية , تسري من
تاريخ تنفيذ الحجز.
وهم وفي ذلك ودونما أن يدرون يخلطون بين الحجز الاحتياطي الذي يصدر عن جهات القضاء , والحجز الاحتياطي الذي يقرره الوزير.
وحجتهم في ذلك الحيثيات الخاصة بالمبدأ الذي كانت قد قررته الهيئة العامة لمحكمة النقض , قبل صدور قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد , والذي اقتبسه قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد , كما صاغته الهيئة العامة لمحكمة النقض , وجعله نصاَ تشريعياَ , هو نص الفقرة ( د ) من المادة ( 323 ) أصول محاكمات مدنية جديد ، والذي يحمل الرقم ( 272 ) الصادر في القضية رقم أساس ( 1055 ) لعام 2003 والذي نصه وفق التالي :
[ إن مهلة الأيام الثمانية المنصوص عنها في المادة ( 315 ) أصول محاكمات مدنية , إنما تبدأ بعد انتهاء التحقيق أو التفتيش أو الإحالة من مجلس التأديب إلى القضاء , وليس من تاريخ تنفيذ الحجز , وذلك في القضايا التي كلف وزير المالية بالحجز استناداَ إليها , والتي هي موضع تحقيق أو تفتيش , أما ما عدا ذلك من حالات فإن هذه المهلة تبدأ من تاريخ تنفيذ الحجز ].
وهم يميزون بين هاتين الحالتين بأن تحقيقات الجهات الإدارية قد تستغرق وقتاَ , بسب الروتين والبيروقراطية ، مما يوجب أن يكون مبدأ سريان هذه المدة من تاريخ انتهاء التحقيقات أو التفتيش والإحالة إلى المحكمة المسلكية أو إلى القضاء أو إلى مجلس التأديب , وليس من تاريخ تنفيذ الحجز , على اعتبار أن الوزير قد يحجز أثناء وقبل أن تنتهي التحقيقات , وبالتالي قد تنفذ الدوائر المالية الحجز , لذلك ولكي لا نعرض الأموال العامة للضياع , تسري هذه المدة وفق الأصول و التواريخ المذكورة.
أما إذا كان الحجز قد صدر بالاستناد إلى إحدى التوصيات النهائية في التحقيقات الإدارية , فإن مبدأ سريان المدة يكون من تاريخ تنفيذ الحجز , كما في حالات الحجز العادية.
ونحن نقول هذا تمّيز لا أساس له في القانون , فلا المبدأ المذكور أعلاه , والذي أقرته الهيئة العامة لمحكمة النقض ، في ظل عدم وجود نص تشريعي يعالج هذه الحالة , ولا نص الفقرة ( د ) من المادة ( 323 ) أصول محاكمات مدنية جديد , والذي هو في الأصل نص المبدأ المذكور أعلاه , قالا بذلك.
لا بل إن نص المبدأ جاء واضحاَ لا لبس فيه ولا غموض , عندما حدد مبدأ سريان هذه المهلة , بحق الجهة العامة المحجوز لصالحها.
وكذلك فعل نص الفقرة ( د ) من المادة ( 323 ) أصول محاكمات مدنية جديد , أما ما انتهى به نص المبدأ من عبارة , والذي هو برأيي سبب الخلط , فكان من باب التزيد وتميز الحجز الذي يقرره وزير المالية عن الحجز العادي , فالهيئة العامة قررت مبدأ سريان المدة , في مثل هذه الحالات , لانعدام النص عليه , ومن ثم وفي نهاية نص المبدأ , هي عادت إلى المبدأ العام في سريان المدة , والذي يقول بأن المدة تسري من تاريخ تنفيذ الحكم بالحجز ، وهي في ذلك لم تقصد أن تفرق بين الحجز المالي الذي يقرره الوزير أثناء أو قبل انتهاء التحقيقات وبين الحجز الذي يقرره الوزير كإحدى التوصيات النهائية للبعثات التفتيشية ,
وهي في نفس الوقت لم تقصد التعرض لمبدأ سريان المدة , والخاص بحالات سريان المدة فيما يخص الحجز العادي , لأن مبدأ سريان المدة في حالات الحجز العادي , محدد بنص قانوني هو نص الفقرة ( ب ) من المادة ( 317 ) أصول جديد المقابل لنص المادة ( 315 ) أصول محاكمات مدنية قديم ، النافذ بتاريخ إقرار هذا المبدأ من قبلة الهيئة العامة لمحكمة النقض ، ومن المعروف أن لا اجتهاد في مورد النص.