بحث قانوني عن الاخبار عن الجرائم
الاخبار عن وقوع الجرائم ياتي من مصدرين :-
1- ممن وقعت الجريمة عليه ان من الواجب الوطني والانساني على كل مواطن حال علمه بوقوع جريمة او حال احتمال الشروع بها ان يبادر فورا للاخبارلدى السلطات الامنية المختصة لكي تتمكن من اتخاذ الاجرءات اللازمة في الوقت المناسب مما يساعد ذلك على حصر موقع الجريمة وعلى الاثار المادية ومن التمكن من حصر الاضرار في اضيق زاوية ممكنة للحيلولة دون احداث ما يعكر صفوة الامن والاستقرار او اتخاذ ما يلزم بمنع ارتكابها اضافة الى ما تتخذ من اجراءات القبض على الاشخاص او من اجراءات تفتيش الاشخاص او تفتيش المساكن او المحلات وفقا للقانون واصول الاجراءات التحقيقية, التي سيرد البحث عنها لانها من الاجرءات الاساسية الداخلة في السياقات التحقيقية في القضايا الجنائية وفق ما جاء بالمادة 43- من الاصول- كما اشارت الفقرة-ا- من المادة 52-من الاصول يقوم قاضي التحقيق بالتحقيق في جميع الجرائم نفسه بواسطة المحققين وله ان ينيب احد اعضاء الضبط القضائي لاتخاذ اجراء معين –ب- يجري الكشف من قبل المحقق او القاضي على مكان وقوع الحادثة لاتخاذ الاجراءات المنصوص عليها في المادة 43- من الاصول –ووصف الاثار المادية للجريمة والاضرار الحاصلة بالمجنى عليه وبيان السبب الظاهر للوفاة ان وجدت وتنظيم مرتسم للمكان .ج- اذا اخبرقاضي التحقيق بجناية مشهودة وجب عليه ان يبادر بالانتفال الى محل الحادثة كلما كان ذلك ممكنا لاتخاذ الاجراءات المنصوص علها في الفقرة ب-وان يخبر الادعاء العام بذلك.
قيام المواطن بالاخبار عن الجرائم كما ينبغى انما يعد مساهمة فعالة لوضع الحد للجريمة بصورة عامة وردع المجرمين بالطريقة المناسبة والفعالة. الوطن اليوم بامس الحاجة الى مثل هذه الجهود الوطنية المخلصة من كل مواطن غيور على مصلحة شعبه ووطنه سواء كانت الجريمة تتعلق به او بغيره من المواطنين ايا كانوا او على كل ما يمس مصلحة وممتلكات الدولة ,اما احجام المواطن عن اداء هذا الواجب لاي سبب كان او التلكىء به مما يؤدي ليس الى احداث اضرار بليغة غير منظورة في حينها على مسرح الجريمة فحسب وانما قد يساهم باشاعة الفوضى الامنية وعدم الاستقراروالى ضعف سيادة القانون .
بينت المادة 47 -1- من قانون اصول المحاكمات الجزائية ( لمن وقعت عليه حريمة وكل من علم بوقوع جريمة تحرك الدعوى فيها بلا شكوى او علم بوقوع موت مشتبه به ان يخبر قاضى التحقيق او المحقق او الادعاء العام او احد مراكز الشرطة ) كما بينت الفقرة 2- من المادة المذكورة –( للمخبر عن الجرائم الماسة بامن الدولة الداخلى او الخارجى وعن الجرائم المعاقب عليها بالاعدام او السجن المؤبد او المؤقت ان يطلب عدم الكشف عن هويته وعدم اعتباره شاهدا وللقاضى ان يثبت ذلك مع خلاصة الاخبار فى سجل خاص ويقوم باجراءات التحقيق وفق الاصول دون بيان هوية المخبر في الاوراق التحقيقية )
هذه الاجراءات الاحترازية التى كفل القانون بتامينها كل مواطن مما يسهل ويؤمن تحقيق دفع المواطن للاخبارعن وقوع مثل هذه الجرائم والحوادث المشتبه بها وباحتمال وقوعها واحداث اضرارا بليغة ويكاد يكون عاملا مساعدا لتعزيزالشعور بالمسؤولية الوطنية وتقدير مدى ضرورة المساهمة من التعاون الجاد والمخلص مع الاجهزة الامنية في كل ما يتعلق بسيادة القانون وتحقيق الامن والاستقرار في البلد بصورة عامة مع تقدير حق المواطن من تامين عدم تعرضه لاى اذى او ضرر من جراء اداء هذا الواجب الوطنى المشرف في حالة اخباره عن وقوع الجريمة وعن فاعليها اوقبل الشسروع بارتكابها.
ان الظرف الصعب الذى يمر به البلد اليوم بامس الحاجة ليس لهذا الواجب فحسب وانما على كل مواطن ان يكون عين ساهرة لرصد كل محاولة لاى عمل جرمي قد يعرض حياة المواطنين للخطر او من شانه يلحق اضرارا بالمصلحة العامة او بالاموال والممتلكات بصورة عامة او ما يمس بامن واستقرار البلد.
ما هو مطلوب من كل مواطن التعاون الجاد والمخلص مع الاجهزة الامنية وقوى الشرطة وكافة الاجهزة القضائية والتحقيقية لتطبيق القانون بالحزم والشدة اللازمة وبالوقت المناسب لردع المجرمين والعابثين بالامن والاستقرارلياخذ كل ذي حق حقه وكل مسىء جزائه الذي يستحقه . لقد مهد القانون السبيل الى المواطن في كيفية الاخبار عن الحوادث والجرائم بطرق واساليب عديدة وفي اماكنة متعددة سواء التي تقع في محل سكناه او عمله او في اي مكانا اخر, ومن ذلك التبليغ او الاخبار عن تلك الحوادث او الجرائم المختلفة الى اعضاء الضبط القضائي هم الاشخاص الذين حددتهم المادة 39من قنون اصول المحاكمات الجزائية رقم 33لسن1971 وهم كل من ضباط الشرطة ومامورى المراكز والمفوضون ومختار المحلة –ومدير محطة السكك الحديدية ومعاونه ومامور سير القطار –والمسووؤل عن ادارة الميناء البحرى والجوي وربان السفينة او الطائرة ومعاونه –وكذلك رئيس الدائرة او المصلحة الحكومية او الموءسسة الرسمية او الشبه الرسمية عن الجرائم التي تقع قيها - وهوءلاء هم انفسهم الزمهم القانون في اتخاذ الاجراءات الاصولية حال وصول الاخبار لديهم بضبط المتهم او المتهمين وحفظ الاشخاص من الذين تجب المحافظة عليهم لمقتضيات تحقيقية مهمة متعلقة بالجريمة مهما كانت نوعها وهى من المهام الضرورية في حدود ما خولوا به بمقتضى القوانين الخاصة ضمن مسؤولياتهم الوظيفية والامنية الازمة .وقد وضحت المادة, 41 من القانون المذكور الواجبات الاساسية لاعضاء الضبط القضائى هم مكلفون بالتحري عن الجرائم وقبول الاخبارات والشكاوى التي ترد اليهم بشانها وعليهم تقديم المساعدة لقضاة التحقيق والمحققين وضباظ الشرطة ومفوضيها وتزويدهم بما يصل اليهم من معلومات عن الجرائم وضبظ مرتكبيها وتسليمهم الى السلطات المختصة . كما وضحت المادة 43 من القانون المذكور على العضو الضبط القضائى وفي حدود اختصاصه اذا اخبر عن وقوع جريمة مشهودة او اتصل علمه بها ان يخبر قاضى التحقيق او الادعاء العام بوقوعها وينتقل فورا الى محل الحادث ويتخذ الاجراءات الاصولية من المحافظة وضبط الاثار المادية المتعلقة بالجريمة وتثبيت حالة الاشخاص واسمائهم والاماكن في موقع الجريمة وغير ذلك من الاجراءات التى يراها ضرورية ومقتضيات الحادث الجرمي .
مما يفهم من نصوص ومواد القانون هو اعطاء صلاحيات مهمة واساسية لاعضاء الضبط القضائى من اجل تحقيق التعاون المثمر بينهم وبين المواطنين لتحقيق العمل المشترك لمكافحة الجريمة والاعمال المخربة وردع المجرمين وتحقيق السيطرة التامة بقوة السلطة الفاعلة لتامين الهدوء والاستقرار كما ينبغى كما اعطى القانون لهذه الاجراءات القوة القانونية ذات الاثر المادى المكونة كادلة لاثبات حقائق وقوع الجريمة وبكل ملابساتها واثارها المادية كادلة اتهام يمكن الاستناد اليها قضائيا في توجهها الى من تثبت تورطه بارتكابها . ان سرعة وصول الاخبار عن الجريمة الواقعة مهما كانت نوعها واهميتها الى السلطات المختصة الامنية والتحقيقية والقضائية مما تحقق فوائدة عديدة منها.:-
تساعد المحقق والقوة الامنية الاجرائية والتحقيقية من سرعة الوصول الى موقع الجريمة وبالوقت المناسب الذى يوءمن السيطرة على موقع الحدث وتداعياته ومضاعفاته المحتملة ومن التمكن من ضبط الفاعلين ومرتكبي
الجريمة ومن المحافظة على الوضع الامنى لتامين اجراء الكشف الدقيق للبحث عن كل ما يتعلق بالاثار المادية وتامين ضبط شهود الحادث والاستماع الى اقوالهم الحية والواقعية لتثبيت النقاط والمعلومات المهمة لاثبات حقيقة وقوع الحدث الجرمى من غيره واسبابه ووسائل ارتكابه كل ذلك مما يوفر للمحقق فرصة الوصول الى معرفة مرتكبى الحدث الجرمي ومن سرعة القبض عليهم . او التمكن من منع وقوع الجريمة المنوي ارتكابها قبل الشروع بتنفيذها بناءا على الاخبار الوارد عنها . تعزيز سيادة القانون من خلال سرعة تنفيذ الاجراءات الردع بحق كل من تسول نفسه لالحاق الضرر بمصلحة المواطنين والوطن بصورة عامة مهما كان نوعه يساعد ذلك تامين الامن والاستقرار للمواطنين وحماية حقوقهم من اى تعدي او عدوان.فى هذه المرحلة المهمة التى يمر بها البلد وما تقع فيه من عمليات ارهابية واجرامية عديدة اشاعة الفوضى الامنية وأربكت حياة المواطنين واستقرارهم مما تثير تسائلات عديدة عن غياب دور المواطن والضعيف الى الحد الذى لايرقى ولا يتناسب مع مستوى المسووءلية الواجبة عليه في هذه المرحلة وفي هذا الظرف الصعب مما يفترض فيه بالدرجة الاساس ان يبذل كل مواطن غيور على مصلحة شعبه ووطنه قصارى حهده للتعاون مع كل السلطات الامنية والتحقيقة للقضاء على الارهاب والجريمة المنظمة ووضع الحد لكافة انشتطتها الاجرامية . ويبقى الامل الطموح بدور المواطن الفعال بالتعاون مع اجهزة قوى الامن على اختلاف انواعها ان يكون اكثر فعالية وشمولية للارتقاء الى مستوى المسوءولية لحماية امن واستقرار الشعب والوطن ,الاخبار عن الحوادث الخطيرة والجرائم بصورة عامة الماسة بالامن والاستقرار الى السلطات الامنية المختصة يعني بحد ذاته موقفا وطنيا وانسانيا مشرفا وواعيا ومدركا لمسوؤوليته الوطنية حينما يدرك فى لحظة الموقف لزوم اداء الواجب في سبيل مصلحة الناس والوطن .
اذا كان الاخبار بمعناه الفني هو عملية تقديم المساعدة والعون للقوى الامنية المختصة من سرعة الوصول الى محل الحادث لاتخاذ الاجراءات الازمة والضرورية فحسب وانما هو فى حقيقته يمثل المعنى الانساني والوطني المخلص من اجل اشاعة الامن والاستقرار وفرض سيادة القانون بحق كل مسىء وعابث بالنظام العام ,ويشكل الاخبار عن كافة المعلومات المهمة عن نشاط المجرمين ومقاصدهم وامكنة تواجدهم قبل وقوع وارتكاب جرائمهم عاملا مهما وحيويا في استتباب الامن والاستقرار.
السوءال الذي يطرح نفسه بالحاح متى تتحقق تلك المساهمة الايجابية الفاعلة المخلصة من قبل المواطنين يصورة عامة دون استثناء لمحاربة جرائم دنيئة يمارسها البعض على حساب مصلحة المواطن وحق الشعب ووضع الحد للعمليات الاجرامية والارهابية المقيتة التى تعصف بحياة العشرات من المواطنين الابرياء ومن جرائم الخطف والسلب والنهب وغيرها من الجرائم الدنيئة التى يندى لها الجبين من فضاحتها وجسامة وحشيتها الاجرامية . مع كل ذلك لازال موقف المواطن لم يكن منها بمستوى المسوءولية اللازمة عليه كواجب وطني وانساني في هذه المرحلة المهمة من حياة الشعب . الى متى يبقى صامتا متلكاءا مترددا لم تهزه حجم الكوارث وجسامة الضحايا والاضرار المرعبة الموءلمة من تلك العمليات الاجرامية والارهابية ولا زالت الجريمة مستمرة والارهاب جاثما على صدور ونفوس المواطنين لقد شلت قدرتهم من ممارسة اعمالهم اليومية واسهمت في اضعاف طموحاتهم وامالهم ولم يعد يتمنون سوى حماية ارواحهم وممتلكاتهم .( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ). والا من سيغير هذا الوضع المتردي غير ابنائه البرر المخلصين
المحامي فاروق العجاج