استقلال القضاء في التحقيقات الجنائية
ان قيمة العدل تتحقق بمقدار استقلال القضاء وان اي خلل يظهر فيه اويعترضه من معوق ينعكس سلبا على حقوق المواطنين وحقوق المصلحة العامة وعلى اداء مؤسسات الدولة لواجباتها ومسؤولياتها الامني والاجتماعي عامة سببا للتداعيات المقلقة لامنها واستقرارها والى الارباك والفوضى وضعف سيادة القانون. .مما يخلق ضعف الثقة بسلطة القضاء ومن ثم سلطة القانون الذي يشكل العصب الرئيسي لهيبة الدولة وسيادتها واستقرار نظامها السياسي . ومن اهم شروط تحقيق العدالة في قرارات واحكام القضاء المدنية والجزائية هو تامين واحترام استقلال القضاء وسيادة القانون "ولايجوز لاية سلطة التدخل في شؤون القضاء المهنية القانونيةاو في شؤونه الخاصة الادارية والمالية .
حيث جاء في المادة في المادة (87 من الدستورالعراقي لسنة 2005( ان السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفقا للقانون ) . وهي تقوم في تنفيذ القوانين المرعية في الفصل في المنازعات كافة بالعدل والمساواة وفقا للقانون ومن منطلق مبدئ الاستقلالية الذي يشكل امرا مهما في تحقيق العدالة من اصدار الاحكام بين المتخاصمين في الدعاوى المرفوعة امام المحاكم المختصة,ان الاحكام والقرارات القضائية المدنية والجزائية واية قرارات قضائية اخرى التي تصدرها المحاكم المختلفة حسب اختصا صاتها في كافة الدعاوى والشكاوى والطلبات المرفوعة امامها تعتمد اساسا على مبدئ الاستقلالية وعدم التدخل في شؤونها من اي تاثيرات خارجية مهما كان نوعها وصنفها وقوة نفوذها السلطوية او الفئوية وغير ذلك من المعوقات والموانع التي تحول دون تمكن القضاء من التمكن من معرفة حقائق الامور المتعلقة باصل موضوع الدعوى او الشكوى التي تنظرها لكي تستطيع ان تصدر الاحكام والقرارات العادلة والمنصفة لياخذ كل ذي حق حقه وفرض الجزاء العادل من الاحكام بالعقوبات المناسبة لحجم الجرائم المرتكبة المضرة بحق امن الدولة او بمصالحها والجرائم المرتكبة بحق حياة المواطن وامنه وامواله وعرضه وسمعته سواء كانت على مستوى الجريمة الجنائية او الجنحة او المخالفة طبقا لاحكام القانون الذي يعلو على الجميع لا سلطان عليه لغير القانون..
وكما جاء في المادة (88) من الدستور(القضاة مستقلون ,لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ,ولا يجوز لاي سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة-من المعلوم ان القضاء يعتمد في النظر بموضوع الدعاوى على ما يعرض امامه من قبل المدعين والمدعى عليهم ووكلائهم من الادلة والبراهين ومن المستمسكات المهمة الثبوتية للحق المدعى به او النافية لهذا الادعاء ما يمكن للقضاء من ان يتوصل اليه من قناعة وعلى وجه اليقين عن صورة الحقائق الموضوعية فيما يتعلق بموضوع النزاع,ومن خلال التحقيقات والمناقشات والاستجوابات مع ذوي العلاقة عن كل ما يتعلق بموضوع الدعاوى المدنية اوالشكاوى الجزائية ومن خلال المرافعات التي تجريها المحكمة المختصة التي تشكل من خلال كل ذلك قاعدة اساسية لاصدار الاحكام المناسبة للفصل بها وفقا للقانون بالعدالة المتوخاة من روح عدالة القانون ومبدئ المساواة بين الناس جميعا.السؤال الذي يطرح نفسه هل ان استقلالية القضاء وحدها كافية تمكن القضاء من اصدار الاحكام والقرارات العادلة والمنصفة في تلك الدعاوى المنظورة امامها اذا ما تحددت بالبراهين والمستمسكات المعروضة امامها وقد لا تحتمل كفاية الاثبات او النفي التي قد تشكل صورة ضبابية لاسبابها وظروفها الموضوعية التي تحول دون تمكن القضاء او من الصعوبة بمكان من ان يتوصل الى قناعات تامة لاعتمادها اساسا لاصدار الاحكام والقرارات القضائية لحسم مواضيعها كما تقتضيها اسس واهداف مبدئ العدالة ؟ ما يعاني الجهاز القضائي التحقيقي من امور قي غاية من الاهمية التي تشكل عائقا كبيرا من تمكين قضاة التحقيق من اداء مهامهم بكفاءة واقتدار وبمسؤولية ومن تلك الاسباب هي:. 1- قلة عدد المحققين القضائيين قيا سا الى اهمية المناطق وكثرة عدد القضايا التحقيقية, والدعاوى الجزائية المنظورة امام محاكم التحقيق المختصة .
قلة عدد قضاة التحقيق نسبة الى تراكم الملفات للقضايا الجنائية المختلفة المعروضة امامها للانجاز وفقا للسقف الزمني المطلوب .وان ما يحصل من تاخير في احالتها وحسمها يلحق ضررا بالغا بحق المواطنين المتهمين الابرياء وبحق مصلحة امن الدولة وسيادة القانون .
ضعف مستوى كفاءة العاملين في الاجهزة التحقيقية المساعدة من اعضاء الضبط القضائي من حيث كفائتهم العلمية والادارية والقانونية المساعدة للتحقيق من ساعة وقوع الحدث الجرمي المشهود او من ساعة العلم بوقوعه
4- تدخل بعض من منتسبي الجهات الرسمية والامنية الاخرى لعدم اختصاصهم في مجال التحقيق الجنائي وفي التحقيق مع المتهمين الذين يتم القبض عليهم لاسباب امنية بعيدا عن اشراف قضاة التحقيق لفترة معينة مهمة خلافا لاصول الاجراءات التحقيقية وفقا للقانون .مخالفة لمبدئ الفصل بين السلطات الاتحادية.
5- ضعف كفاءة الاجهزة التقنية والفنية ومستوى العاملين فيها, المساعدة للتحقيق القضائي وضرورة ادخال الاجهزة الالكترونية المتطورة والحاسوب في مجال خزن المعلومات وتوثيقها وترتيبها المساعدة لادارة شؤون القضاء في كافة المجالات القضائية . وضرورة تعميم ذلك على كافة المستويات القضائية الجنائية في انحاء القطر .ضعف الاهتمام باهمية اعمال منتسبي الضبط والتحقيق الابتدائي الجنائي وما يتعرضون الى مخاطر في مكافحتهم للجريمة والقبض على المجرمين الخطرين ,في حياتهم للوفاة والاعاقة البدنية - التي تستلزم وضع التامينات اللازمة والتعويض عن الاضرارالتي تصيبهم ومن المكافئات الضرورية لتشجيعهم وتامين ثباتهم على مواجهة التحديات الاجرامية الصعبة في اداء واجباتهم وفقا للقانون ومقتضيات العدالة الجنائية المطلوبة.
7- صعف النصوص القانونية الجنائية امام اشكال وانماط جديدة ظهرت من بعض الجرائم افرزتها متطلبات الحياة المعاصرة لم تجد لها نصوص قانونية يعاقب عليها القانون او يحدد العقوبة المناسبة لها .(لا حريمة ولا عقوبة الا بنص) لذلك لا يستطيع القضاء بالنظر في تلك الافعال على انها من الجرائم الجنائية المعاقب عليها قانونا. كما هو الحال في اعمال التزوير الاكتروني وفي مجالات الاعمال البنكية المختلفة واعمال غسيل الاموال المهربة والمسروقة والمستخدمة لاغراض اجرامية معينة .وغيرها من حالات التزوير والاحتيال والالتفاف على القوانين بحجج كاذبة ووهمية ومن ورائها كبار السراق والمجرمين من ذوي النفوذ من عصابات مافيا الفساد المستشري في البلاد بلا قيود او حدود او رادع قانوني .
8- جمود التشريع الجنائي في معالجة بعض القضايا الجنائية بما يتناسب واهمية خطورتها الاجرامية على الوضع الامني وعلى مستوى حياة الافراد واستقرار اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية , كما يجري في حالات النصب والاحتيال وانتحال الصفة الوظيفية لغرض ابتزاز المواطنين بحجة تامين تنقيذ طلباتهم مقابل دفع مبالغ معينة بحاجة الى تشديد العقوبة وتوحيد التشريع بصددها .وغيرها من حالات التسول التي اصبحت من الحالات الانسانية ولايجوز معاقبتهم وانما على الدولة ان تتكفل برعايتهم وتامين المستوى اللائق لحياتهم الانسانية المشروعة.
لكي تكون استقلالية القضاء فاعلة ومتمكنة تعطي للقضاة والمحاكم المختصة على اختلاف اختصاصاتها , المجال الاوسع من امكانية اصدار القرارات العادلة والمنصفة , طبقاالاحكام العدالة المتوخاة من سلطة القضاء المستقل , مما يقتضي تامين المستلزمات الضرورية لعمل قضاة التحقيق ومعالجة كافة المعوقات التي تعترض سير عمل التحقيق القضائي لتامين الكفاءة والاقتدار لممارسة سلطاتهم القضائية وفقا للقانون كما ينبغي توخيا لتحقيق العدالة المنشودة .(العدل اساس الملك ) وقد كثرة تشكيل الهيئات التحقيقية الخاصة بمكافحة الجرائم الارهابية والجرائم المنظمة الخطيرة التي تهدد امن الدولة وامن المجتمع قد تكون الاجراءات التحقيقية التي تتخذها بعيدة لفترة معينة عن علم واشراف القاضي المختص.وخارج عن اصول السياقات القانونية المرعية وقد اثرت بشكل مباشر على الاوضاع الامنية في عموم المناطق.
ومن اهم تلك المعوقات كما بينها مصدر قضائي مختص المنشور قي جريدة الحقوقي العراقي العدد -23- في 5 ايار2012 ( 1- تعدد غير طبيعي للجهات القائمة على التحقيق مع استحداث مديريات واجهزة امنية دون تحديد قانوني لاختصاصات وصلاحيات لتلك الجهات في تولي التحقيق انما ترك الامر لاجتهادات عناصر ومديري تلك الجهات مما احدث ارباكا في العمل. 2-- تقلص صلاحيات مديريات الشرطة المحلية مع ظهور جهات اخرى
كمديرية مكافحة الارهاب ومكافحة الاجرام فضلا عن تدخل جهات تنفيذية
لا علاقة لها بالتحقيق. 3- واوضح المصدر ان انشغال هذه الجهات بالتحقيق في القضايا الارهابية ادى الى اغفال حسم جرائم السرقات والتزوير.
4- ان الكثير من القائمين على التحقيق يفتقرون الى ابسط الشروط الواجب توفرها في المحقق وان نسبة الذين يجهلون الثقافة القانونية كبيرة جدا 70% من ضباط الشرطة خاصة (ويقول) من النادر جدا ان نرى كشفا دقيقا لمحل حادث مدعوم بمخطط اصولي يعطي للمحكمة تصورا عن الجريمة وكيفية ارتكابها .5- ان عدد المحققيين لا يتناسب مع تزايد القضايا التحقيقية.
6- تقلص في الملاكات الوظيفية لمحاكم التحقيق . .
7- اضافة الى عدم تجهيز المحكمة بالاجهزة المكتبية كجهاز استنساخ وطباعة الكترونية ومتخصص لطباعة المخاطبات. 8- واشار المصدر الى معوقات كثيرة تحول دون حسم قضايا النزاهة .كما بين المصدر القضائي المذكور من المقترحات لمعالجة تلك المعوقات التي تواجه عملية التحقيق الابتدائي ومن بينها :-
1- حصر الجهات الممنوحة سلطات او صلاحيات تحقيقية بجدول يصدر بالتنسيق بين مجلس القضاء الاعلى ووزارة الداخلية ويعمم على محاكم التحقيق.
2- وايجاد جهات تحقيقية متخصصة في انواع الجرائم كافة يتولى ضباط تحقيق مختصون وذوو كفاءة في التحقيق فيها ) .
وحينما يفقد قاضي التحقيق المختص حضوره ودوره المطلوب في مرحلة التحقيق الابتدائي في الحوادث الجرمية الخطيرة ا كما جاء في المادة-51 – والمادة 52—من قانون اصول المحاكمات الجزائية , (من وجوب حضوره ساعة وقوع الحوادث الجرمية وتولي التحقيق بنفسه او بواسطة المحققين المخولين من قبله وباشرافه) , مما يؤدي الى فقدان الصورة الواضحةعن حقيقة وقوع الحوادث الجرمية والمشتبه بوقوعها,الى جانب ذلك وجود المعوقات العديدة التي يعاني منها الجهاز القضائي التحقيقي المختص ,مما يعني ان استقلالية القضاء وحدها غير كافية اذ ا لم تتوفر من امكانية مناسبة من منظومة قضائية متقدمة ومتطورة عاملة ومساعدة لقضاة التحقيق في القضايا الجنائية تمكنهم من ضبط معالم الحوادث الجرمية ومعرفة حقيقة ارتكابها والفاعلون الحقيقيون بارتكابها , فيكون من الصعب على القضاة والمحاكم المختصة باصدار القرارات والاحكام المنصفة طبقا لاحكام العدالة كما تقتضيها حقيقة وقوع الجريمة الجنائية .ذلك ما يؤثرسلبا على واقع سيادة سلطة القانون وعلى الوضع الامن الداخلي. لكي نعرف ما مدى اهمية استقلال القضاء القضائي وسبل تفعيل دوره في التحقيقات الابتدائية من اول خطوة من الاجراءات التحقيقية التي تتخذ حال العلم بوقوع حا
المحامي فاروق العجاج/ العراق