المحامي عارف الشعال
لا شك أن غاية المنى لأي مشتغل بالقانون، أن يتم البت بأي دعوى خلال أيام أو أسابيع قليلة، لأن سرعة إجراءات التقاضي هو حلم بعيد المنال في الواقع.
أي محام أو قاض متمرس يعلم تماماً أن قرار مجلس القضاء الأعلى الأخير بتحديد مدة للنظر بالدعوى والبت فيها من لدن المحكمة لا تزيد عن ثمانية أشهر، قد ولد ميتاً ولن يكتب له النجاح !!
فحتى لو كان موعد التأجيل بين الجلسة والتي تليها حوالي 20 يوماً (وهو معدل رائع) لن يتم حسم الدعوى بهذا الزمن القياسي أبداً، وخاصة بالنسبةللقضايا التي يتم التبليغ فيها خارج سورية، أو سماع البينة والبينة المعاكسة والتي يجب أن يتم تبليغ الشهود فيها بواسطة المحضرين، وربما الاضطرار للإحضار بواسطة الشرطة، كذلك القضايا التي يتم إجراء الخبرات الفنية فيها وما يتفرع عنها من إعادة واستيضاح، وغير ذلك من معوقات لسير الدعوى لا يتسع المجال لحصرها في هذه العجالة، إضافة لأيام العطل الكثيرة (يومين أسبوعياً-عطل دينية ورسمية عديدة- ثلاث عطل قضائية- عطلة التدوير) بحيث تجعل أيام الدوام الفعلي في السنة لا يتجاوز 220 يوماً.
جميعها عوامل تساهم في إطالة أمد النظر بالدعوى لمدة تزيد على السنة في أغلب الحالات للأسف.
(تعتبر هذه المدة منطقية فقط في القضايا الإقرارية، أو تلك التي يمكن البتّ بها في أول مرة ترفع للتدقيق، وتكون كاملة المستندات، ولا تحتاج سماع شهود أ خبرة، وهي قضايا نادرة)
إن الحل الأمثل لمشكلة بطء الإجراءات لا يكون بتقييد القاضي ومعاملته كالموظف الذي يجب عليه إنجاز الدعوى ضمن هذه المهلة، وتهديده بالعقاب في حال المخالفة، فيضطر للاستعجال والتسرع والتعامل مع حقوق الناس بارتجال، فيهمل تمحيص دليل، أو يرفض سماع كامل نصاب البينة الشخصية، أو إعادة خبرة باطلة، مما ينجم عنه ضياع الحقوق، وبالتالي يكون هذا القرار نقمة وليس نعمة.
لذلك أتوقع ألا يلتزم القاضي العادل والكفوء، صاحب الضمير والوجدان الحيّ، بهذا القرار إذا كان سيؤدي لتبديد وضياع حقوق الناس.
قد يكون الحل الناجع لمشكلة إطالة أمد التقاضي، أن يعكف مجلس القضاء الأعلى على دراسة أسباب فشل مؤسسة تبادل اللوائح، والعمل على تفعيلها وتذليل العقبات التي تواجهها،
أو زيادة عدد القضاة والمحاكم التي لديها اكتظاظ بالقضايا.
وكذلك بإبعاد القاضي الكسول والمهمل والذي لا يتمتع بالكفاءة اللازمة عن قوس المحكمة، كالقاضي الذي اعتاد تأجيل الدعوى عدة مرات إكمالاً للتدقيق، أو اعتاد ترك إدارة الجلسة لكاتب المحكمة، أو الذي يتخذ قرارات إعدادية خلبيّة للتهرب من البت بالدعوى، كتكليف الأطراف بإبداء الأقوال النهائية، أو ذلك القاضي الذي يطلب الوثائق بالتقسيط المريح وليس دفعة واحدة.
أما التعامل مع القاضي كموظف والضغط عليه وتقييده بهذا الشكل، فسيؤدي لمنعكسات سلبية كثيرة على عملية التقاضي، وسيؤدي لنتائج بعكس المتوخاة من القرار.