إرادة المتعاقدين فوق أي اعتبار.
إرادة المتعاقدين فوق أي اعتبار. |
المحامي عارف الشعال
في الأول من شهر كانون الأول عام 2008، أبرم متعاقدان عقد إيجار لمحل تجاري،
دوّن المتعاقدان في متن العقد وبخط اليد عبارة مفادها أن:
(مدة العقد سنة كاملة تتجدد تلقائياً اعتباراً من 1 شباط 2008)
وقد ورد في الشروط المطبوعة من العقد نصٌّ يفيد بأن هذا العقد يخضع لأحكام قانون الإيجار رقم 6 لعام 2001 ورقم 10 لعام 2006.
من المعلوم أن قانون الإيجار رقم 10 لعام 2006 نزع الحماية القانونية عن المستأجر في العقارات التجارية لجهة التمديد الحكمي للإيجار، وأخضع العقد لإرادة المتعاقدين لجهة مدة الإيجار ومقدار الأجرة.
بعد عدة سنوات رفع المؤجر دعوى إنهاء علاقة إيجارية وطلب استلام المحل التجاري والتعويض،
تمسك المستأجر بالعبارة المكتوبة بخط اليد، بأن مدة العقد تمدد تلقائياً،
بينما تمسك المؤجر بالشرط المطبوع من أن العقد يخضع للقانون رقم 10 لعام 2006، أي لا يسري عليه التمديد الحكمي.
أخذت محكمة الصلح بالشرط المكتوب بخط اليد بأن العقد يمدد تلقائياً وردت الدعوى.
نظرت محكمة النقض بالموضوع وفاضلت بين حكم القانون الذي نَزَعَ عن هذا العقد ميزة التمديد الحكمي، وبين إرادة المتعاقدين التي اتجهت صراحة لتمديد العقد تلقائياً،
فأخذت بالأصل في تفسير العقود وهو احترام إرادة المتعاقدين تطبيقاً لمبدأ سلطان الإرادة.
لا سيما أن الاجتهاد مستقر أن الشروط المكتوبة بخط اليد في العقد أولى بالرعاية من الشروط المطبوعة، وصدّقت الحكم الصلحي، متكئة على منظومة من الاجتهادات الساطعة بهذا الشأن.
للوهلة الأولى قد يبدو هذا الاجتهاد صادماً، ولكن من ذا الذي يجادل محكمة النقض في منحاها هذا حيث طبقت قاعدة العقد شريعة المتعاقدين التي نصَّ عليها القانون 10/ 2006، وأخذت به بإرادة المتعاقدين الواضحة بتمديد العقد تلقائياً؟